قبل عام تقريبًا، أثار موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي ضجة كبيرة بعد عرض صورة ألتقطت به داخل منزله وإلى جواره تمثال عملاق لرأس صدام حسين، يتدلى منها حبل غليط، أشار إلى أنه الحبل نفسه الذي أعدِم به الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين
ردود أفعال مُتباينة تبعت عرض الصورة، منها ذكرى غاضبة لمن «عاش بطلًا ومات بطلًا»، وأخرى بها انتشاء من مجرم حرب اقتص منه الزمن، وبينهما وجهة نظر غير مبالية تستخلص حكمة مقتضبة مفادها «إنما الأيام دول»، لتتعجب في النهاية عندما تعلم استعداد شخص أو أكثر لدفع 7 ملايين دولار مقابل خيط غليط التف حول رقبة صدام حسين، وكسر رقبته قبل تسعة أعوام مفضيًا لوفاته.
محطات سريعة مر بها «صدام» منذ إلقاء القبض نهاية عام 2003 بواسطة جنود مشاة أمريكيين بالقرب من مسقط رأسه، بدأت بإقرار المحكمة بارتكابه جرائم حرب في 5 نوفمبر 2006، أعقبها حكمًا بإعدامه شنقًا بعد ثلاثة أعوام من التقاضي، قبل أن تتطور الأمور بشكل دراماتيكي ويتم تنفيذ حُكم الإعدام فيه فجر السبت 30 ديسمبر 2006، أول أيام عيد الأضحى بعد رفض الاستئناف المقدم منه قبل أسبوع واحِد.
وفي هذا التقرير يرصد «المصري لايت»، تفاصيل الساعات الأخيرة التي عاشها «صدّام» خلال يومه الأخير الذي لم تُشرِق عليه شمسه.
5. بداية مُبكرة ليوم الإعدام
يقول الصحفي الأمريكي جوردون توماس، المختصّ بشؤون الاستخبارات الأمريكية، عن الساعات الأخيرة في حياة صدام حسين والتي نقلها موقع World Net Daily: «بارتجاف تكاثرت فيه الأقاويل، عرف صدام حسين، حبيس زنزانته بمقر دائرة الاستخبارات الأمريكية بمنطقة (الكاظمية) شمال بغداد، بأن حُكم الإعدام الذي أقر ضده سيدخل حيز النفاذ خلال ساعات قليلة».
في الوقت نفسه كشف حراس زنزانة دائرة الاستخبارات التي احتجز فيها صدام حسين في حوار أجرته معهم CNN في وقت لاحِق، عن الروتين الذي اعتاده «صدام» في أيامه الأخيرة، منها تصفح الجريدة، والتسامر مع الحراس أنفسهم، خاصة حول الاسم الحركي الذي أطلق عليه وهو VIC، وهو اختصارًا لـ Very Important Criminal أو (مجرم غاية في الأهمية).
ويوضح الحراس في حوارهم مع CNN أن «إطلاق هذا الاسم على صدام أثار زهوه»، موضحين أنه عادة ما كان يترك نصوصًا شعرية ينقشها بخط يده على جريدته التي لا يتوقف عن تصفحها»، مشيرين إلى أنه «كان يكتب رسائل مواساة لمؤيديه على هوامش الصحيفة نفسها، بينما كان يمضّي وقتًا آخر في الاعتناء بنباتات سمح له بامتلاكها زرعايتها في حديقة زنزانته».
كانت الساعة الثانية بعد منتصف ليل 29 ديسمبر، حينما حضر إلى الزنزانة القائد المخوّل بقيادة تنفيذ عملية إعدام صدام حسين، في صُحبة من جنود عراقيين وأمريكيين، ليُخبره سرعة الشروع في ممارسة طقوسه تمهيدًا لتنفيذ حكم الإعدام في وقت قريب من اليوم نفسه.
4. وجبة طفولية
«في غضون النصف ساعة مابين الثانية صباحًا، والثانية والنصف، اتسع الوقت لصدام الذي حمل رتبة «مهيب الرُكن»، ليتناول وجبة مفضلة له، هي وجبة الأرز والفراخ، ثم يتناول مشروبًا مقتبسًا كذلك من قائمة تفضيلاته الطفولية، وهو مشروب العسل مع الماء الدافئ»، حسب موفق الربيعي مستشار الأمن القومي، الذي اتفق الجميع أنه كان أحد شهود تنفيذ حكم الإعدام.
«اتسعت كذلك النصف ساعة إلى وضوء أخير وتأنق لابأس به، إذ ارتدى صدام في ذلك اليوم قميصًا أبيض وسترة داكنة اللون لتحميه من سقيع الفجر البارد».
وعلى طرف السرير المعدني، قضى «صدام» دقائقه الأخيرة في زنزانته، تلى خلالها أيات قرآنية من مصحف حمله معه حتى منصة الإعدام، قبل أن تدق الساعة الثالثة إلا رُبع.
3. من حجرة القاضي لحجرة الإعدام
طائرة مروحية تصل مقر تنفيذ حكم الإعدام في تمام الثالثة إلاعشر دقائق، وعلى متنها 20 مسؤولاً عراقيًا ـ حسب ما تردد ـ ليشهدوا تنفيذ حكم الإعدام، كان منهم رجال دين وطبيب، وقضاة، والمدعي العام، ومستشار الأمن القومي، وأحد المصورين، وخلفهم تابوت خشبي لمن سينفذ بحقه حكم الإعدام بعد قليل، يحمله بعض الرجال.
في حوار له مع وكالة الانباء الفرنسية، يسرد موفق الربيعي مستشار الأمن القومي بشيء من التفصيل تفاصيل الساعة الأخيرة في حياة صدام حسين، منذ لحظة انتقاله من زنزانته إلى حجرة القاضي، الذي تلى عليه لائحة الاتهام في مرسم قضائي معتاد، انتقل بعدها موثق القدمين واليدين إلى حجرة الإعدام.
2. مناوشات حجرة الإعدام
ثبات الرجُل في مشهد الإعدام كان موضع قولان، ففي حين نقلت صحيفة «التليجراف» عن «ويكيليكس» حوار دار بين «منقذ آل فرعون» المدعي العام العراقي، وبين والسفير الأمريكي، اعتبر فيها «منقذ» أن «صدام» لا يستحق التعاطف، رغم حالة التشويش التي يعاني منها يوم الإعدام، مبررًا ذلك بأن صدام لا يزال يعتقد نفسه رئيسًا للعراق.
إلا أن موفق الربيعي، أقر تمامًا بأن «صدام» بدا طبيعيًا غير مُرتبك، وكان متماسِكًا في مشهد الإعدام حتى النهاية، ولم يُسرِف في دعاء بشكل يشير بأنه غير نادم، لكن هذا لم يمنع «الربيعي» من التأكيد على إيمانه بعدالة الحُكم.
«الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، عاشت فلسطين، الموت للفرس المجوس».. هُتافات حماسية ضمن مجموعة مناوشات متناهية الصغر قالها صدام داخل حجرة الإعدام، قابلها هتاف قصير من بعض الحضور الأقل رتبة تم إسكاته سريعًا من رفيعي المستوى.
دعوة غير متسامحة أخيرة من أحد الحُراس وجهت إلى من سينفذ فيه حكم الإعدام: «اذهب إلى الجحيم»، يتجاوب معها «صدام» بثبات: «هل هذه رجولة؟» حسب «الربيعي».
1. إسدال الستار
مقيد القدمين، اضطر صدّام أن يرتقي سُلم الإعدام جرًا، حسب «منقذ آل فرعون»، السلم الذي تمت تجربته أكثر من مرّة على أشولة من الرمال، وتم توسعتها خصيصًا وتعميقها لتلافي أي أخطاء، ليوصي «صدام» الربيعي بتسليم مصحفه الشخصي لابنته، ويتنصل الأخير من الأمر متعللاً بصعوبة احتمالية أن يراها، ليصبح المصحف من نصيب أحد القضاة الحاضرين.
«أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدّا..»، كانت هذه الجملة المنطوقة الأخيرة في فصل حياة الرئيس العراقي صدام حسين، والتي لم يستطع إتمامها حتى عاجله سحب سلم الإعدام من تحت قدميه، وسقوطه معلقًا من المشنقة في الهوة، ليُقر الطبيب الحاضر بمساعدة سماعته بككسر عنقه ووفاته على الفور.
جُز حبل المشنقة الغليظ بسكين، ويهتم بشؤون «الجثمان» رجل دين سُني يقوم على شؤون العناية بالموتى على الطريقة الإسلامية.
وفي ذات المروحية التي أقلت الشهود رفيعي المستوى إلى مقر دائرة الاستخبارات، عادوا وبصحبتهم هذه المرة جثمان صدام حسين، راقدًا على أرض المروحية، إذ لم تتسع المقاعد للشهود والجثمان معًا، حسب «موفق الربيعي».
محطات سريعة مر بها «صدام» منذ إلقاء القبض نهاية عام 2003 بواسطة جنود مشاة أمريكيين بالقرب من مسقط رأسه، بدأت بإقرار المحكمة بارتكابه جرائم حرب في 5 نوفمبر 2006، أعقبها حكمًا بإعدامه شنقًا بعد ثلاثة أعوام من التقاضي، قبل أن تتطور الأمور بشكل دراماتيكي ويتم تنفيذ حُكم الإعدام فيه فجر السبت 30 ديسمبر 2006، أول أيام عيد الأضحى بعد رفض الاستئناف المقدم منه قبل أسبوع واحِد.
وفي هذا التقرير يرصد «المصري لايت»، تفاصيل الساعات الأخيرة التي عاشها «صدّام» خلال يومه الأخير الذي لم تُشرِق عليه شمسه.
يقول الصحفي الأمريكي جوردون توماس، المختصّ بشؤون الاستخبارات الأمريكية، عن الساعات الأخيرة في حياة صدام حسين والتي نقلها موقع World Net Daily: «بارتجاف تكاثرت فيه الأقاويل، عرف صدام حسين، حبيس زنزانته بمقر دائرة الاستخبارات الأمريكية بمنطقة (الكاظمية) شمال بغداد، بأن حُكم الإعدام الذي أقر ضده سيدخل حيز النفاذ خلال ساعات قليلة».
في الوقت نفسه كشف حراس زنزانة دائرة الاستخبارات التي احتجز فيها صدام حسين في حوار أجرته معهم CNN في وقت لاحِق، عن الروتين الذي اعتاده «صدام» في أيامه الأخيرة، منها تصفح الجريدة، والتسامر مع الحراس أنفسهم، خاصة حول الاسم الحركي الذي أطلق عليه وهو VIC، وهو اختصارًا لـ Very Important Criminal أو (مجرم غاية في الأهمية).
ويوضح الحراس في حوارهم مع CNN أن «إطلاق هذا الاسم على صدام أثار زهوه»، موضحين أنه عادة ما كان يترك نصوصًا شعرية ينقشها بخط يده على جريدته التي لا يتوقف عن تصفحها»، مشيرين إلى أنه «كان يكتب رسائل مواساة لمؤيديه على هوامش الصحيفة نفسها، بينما كان يمضّي وقتًا آخر في الاعتناء بنباتات سمح له بامتلاكها زرعايتها في حديقة زنزانته».
كانت الساعة الثانية بعد منتصف ليل 29 ديسمبر، حينما حضر إلى الزنزانة القائد المخوّل بقيادة تنفيذ عملية إعدام صدام حسين، في صُحبة من جنود عراقيين وأمريكيين، ليُخبره سرعة الشروع في ممارسة طقوسه تمهيدًا لتنفيذ حكم الإعدام في وقت قريب من اليوم نفسه.
«في غضون النصف ساعة مابين الثانية صباحًا، والثانية والنصف، اتسع الوقت لصدام الذي حمل رتبة «مهيب الرُكن»، ليتناول وجبة مفضلة له، هي وجبة الأرز والفراخ، ثم يتناول مشروبًا مقتبسًا كذلك من قائمة تفضيلاته الطفولية، وهو مشروب العسل مع الماء الدافئ»، حسب موفق الربيعي مستشار الأمن القومي، الذي اتفق الجميع أنه كان أحد شهود تنفيذ حكم الإعدام.
وعلى طرف السرير المعدني، قضى «صدام» دقائقه الأخيرة في زنزانته، تلى خلالها أيات قرآنية من مصحف حمله معه حتى منصة الإعدام، قبل أن تدق الساعة الثالثة إلا رُبع.
3. من حجرة القاضي لحجرة الإعدام
طائرة مروحية تصل مقر تنفيذ حكم الإعدام في تمام الثالثة إلاعشر دقائق، وعلى متنها 20 مسؤولاً عراقيًا ـ حسب ما تردد ـ ليشهدوا تنفيذ حكم الإعدام، كان منهم رجال دين وطبيب، وقضاة، والمدعي العام، ومستشار الأمن القومي، وأحد المصورين، وخلفهم تابوت خشبي لمن سينفذ بحقه حكم الإعدام بعد قليل، يحمله بعض الرجال.
في حوار له مع وكالة الانباء الفرنسية، يسرد موفق الربيعي مستشار الأمن القومي بشيء من التفصيل تفاصيل الساعة الأخيرة في حياة صدام حسين، منذ لحظة انتقاله من زنزانته إلى حجرة القاضي، الذي تلى عليه لائحة الاتهام في مرسم قضائي معتاد، انتقل بعدها موثق القدمين واليدين إلى حجرة الإعدام.
ثبات الرجُل في مشهد الإعدام كان موضع قولان، ففي حين نقلت صحيفة «التليجراف» عن «ويكيليكس» حوار دار بين «منقذ آل فرعون» المدعي العام العراقي، وبين والسفير الأمريكي، اعتبر فيها «منقذ» أن «صدام» لا يستحق التعاطف، رغم حالة التشويش التي يعاني منها يوم الإعدام، مبررًا ذلك بأن صدام لا يزال يعتقد نفسه رئيسًا للعراق.
إلا أن موفق الربيعي، أقر تمامًا بأن «صدام» بدا طبيعيًا غير مُرتبك، وكان متماسِكًا في مشهد الإعدام حتى النهاية، ولم يُسرِف في دعاء بشكل يشير بأنه غير نادم، لكن هذا لم يمنع «الربيعي» من التأكيد على إيمانه بعدالة الحُكم.
«الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، عاشت فلسطين، الموت للفرس المجوس».. هُتافات حماسية ضمن مجموعة مناوشات متناهية الصغر قالها صدام داخل حجرة الإعدام، قابلها هتاف قصير من بعض الحضور الأقل رتبة تم إسكاته سريعًا من رفيعي المستوى.
دعوة غير متسامحة أخيرة من أحد الحُراس وجهت إلى من سينفذ فيه حكم الإعدام: «اذهب إلى الجحيم»، يتجاوب معها «صدام» بثبات: «هل هذه رجولة؟» حسب «الربيعي».
مقيد القدمين، اضطر صدّام أن يرتقي سُلم الإعدام جرًا، حسب «منقذ آل فرعون»، السلم الذي تمت تجربته أكثر من مرّة على أشولة من الرمال، وتم توسعتها خصيصًا وتعميقها لتلافي أي أخطاء، ليوصي «صدام» الربيعي بتسليم مصحفه الشخصي لابنته، ويتنصل الأخير من الأمر متعللاً بصعوبة احتمالية أن يراها، ليصبح المصحف من نصيب أحد القضاة الحاضرين.
«أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدّا..»، كانت هذه الجملة المنطوقة الأخيرة في فصل حياة الرئيس العراقي صدام حسين، والتي لم يستطع إتمامها حتى عاجله سحب سلم الإعدام من تحت قدميه، وسقوطه معلقًا من المشنقة في الهوة، ليُقر الطبيب الحاضر بمساعدة سماعته بككسر عنقه ووفاته على الفور.
جُز حبل المشنقة الغليظ بسكين، ويهتم بشؤون «الجثمان» رجل دين سُني يقوم على شؤون العناية بالموتى على الطريقة الإسلامية.
وفي ذات المروحية التي أقلت الشهود رفيعي المستوى إلى مقر دائرة الاستخبارات، عادوا وبصحبتهم هذه المرة جثمان صدام حسين، راقدًا على أرض المروحية، إذ لم تتسع المقاعد للشهود والجثمان معًا، حسب «موفق الربيعي».
إرسال تعليق